يسعدني اخواني اعضاء منتدى النجم ان اقدم بين ايديكم هذه القصيدة
الرائعة التي تعتبر من القصائد النادرة في الادب العربي التي قيلت في رثاء
النفس وهي للشاعر الاموي مالك بن الريب التميمي .
مالك بن الريب 60 هـ / 680 م مالك بن الريب بن حوط بن قرط المازني
التميمي. شاعر، من الظرفاء الأدباء، فتاك، اشتهر في أوائل العصر الأموي.
ورويت عنه أخبار في قطع الطريق مدة. ورآه سعيد بن عثمان بن عفان بالبادية
في طريقه بين المدينة والبصرة، وهو ذاهب إلى خراسان وقد ولاه عليها معاوية
(سنة 56) فأنبه سعيد على ما يقال عنه من العيث وقطع الطريق واستصلحه وصحبه
إلى خراسان، فشهد فتح سمرقند وتنسك. ومرض في مرو وأحس بالموت فقال قصيدته
المشهورة وهي غرر الشعرمطلعها: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة*** بجنب الغضى
أزجي القلاص النواجيا
القصيدة
أَلا لَيتَ شِعـري هَـل أَبيتَـنَّ لَيلَـةً بِجَنبِ الغَضا أُزجي القَلاصَ النَواجِيـا
فَلَيتَ الغَضا لَم يَقطَعِ الرَكبُ عرضـه وَلَيتَ الغَضا ماشـى الرِّكـابَ لَيالِيـا
وَلَيتَ الغَضا يَومَ اِرتَحلنـا تَقاصَـرَت بِطولِ الغَضا حَتّى أَرى مَـن وَرائِيـا
لَقَد كانَ في أَهلِ الغَضا لَو دَنا الغَضـا مَـزارٌ وَلَكِـنَّ الغَضـا لَيـسَ دانِيـا
أَلَم تَرَنـي بِعـتُ الضَلالَـةَ بِالهُـدى وَأَصبَحتُ في جَيشِ اِبنِ عَفّانَ غازِيـا
وَأَصبَحتُ في أَرضِ الأَعاديِّ بَعدَمـا أرانِـيَ عَـن أَرضِ الأَعـادِيِّ نائِيـا
دَعاني الهَوى مِن أَهلِ أَودَ وَصُحبَتـي بِـذي الطَّبَسَيـنِ فَالتَفَـتُّ وَرائِـيـا
أَجَبتُ الهَـوى لَمّـا دَعانـي بِزَفـرَةٍ تَقَنَّـعـتُ مِنـهـا أَن أُلامَ رِدائِـيـا
أَقولُ وَقَد حالَت قُـرى الكُـردِ بَينَنـا جَزى اللَّهُ عَمراً خَيرَ ما كانَ جازِيـا
إِن اللَّهَ يُرجِعني مِنَ الغَـزوِ لا أَكُـن وَإِن قَـلَّ مالـي طالِبـاً مـا وَرائِيـا
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت وَشـكَ رحلَتـي سفـارُكَ هَـذا تـارِكـي لا أَبالِـيـا
لَعَمرِي لَئِن غالَت خُراسـانُ هامَتـي لَقَد كُنتُ عَن بابَـي خُراسـانَ نائِيـا
فَإِن أَنجُ مِن بابَي خُراسـانَ لا أَعُـد إِلَيـهـا وَإِن مَنَّيتُمـونـي الأَمانِـيـا
فَللَّـهِ درِّي يَـومَ أتــركُ طائِـعـاً بَنِـيَّ بِأَعلـى الرَقمَتَـيـنِ وَمالِـيـا
وَدَرُّ الظبـاءِ السانِـحـاتِ عَشِـيَّـةً يُخَبِّـرنَ أَنّـي هالِـكٌ مِـن وَرائِيـا
وَدَرُّ كَبـيـرَيَّ اللَـذيـن كِلاهُـمـا عَلَـيَّ شَفيـقٌ ناصِـحٌ لَـو نَهانِـيـا
وَدَرُّ الرِّجـالِ الشاهِـديـنَ تَفتـكـي بِأَمـرِيَ أَلا يقصِـروا مِـن وَثاقِيـا
وَدَرُّ الهَوى مِن حَيثُ يَدعو صَحابَتـي وَدَرُّ لُجـاجَـتـي وَدَرُّ اِنتِهـائِـيـا
تَذَكَّرتُ مَن يَبكـي عَلَـيَّ فَلَـم أَجِـد سِوى السَّيفِ وَالرُّمحِ الرُدَينِـيِّ باكِيـا
وَأَشقَـرَ مَحبـوكٍ يَـجُـرُّ عَنـانَـهُ إِلى الماءِ لَم يَترُك لَهُ المَـوتُ ساقِيـا
يُقـادُ ذَليـلاً بَعدَمـا مــاتَ رَبُّــهُ يُبـاعُ بِبَخـسٍ بَعدَمـا كـانَ غالِيـا
وَلَكِـن بِأَكنـافِ السُمَيـنَـةِ نـسـوَةٌ عَزيـزٌ عَلَيهِـنَّ العيشَـةَ مـا بِـيـا
صَريعٌ عَلى أَيـدي الرِجـالِ بِقَفـرَةٍ يُسَوُّونَ لحـدي حَيـثُ حُـمَّ قَضائِيـا
وَلَمّـا تَـراءَت عِنـدَ مَـروٍ منِيتـي وَخَلَّ بِهـا جِسمـي وَحانَـت وَفاتِيـا
أَقـولُ لأَصحابـي اِرفَعونـي فَـإِنَّـهُ يَقَـرُّ بِعَينـي أَن سُهَيـلٌ بَـدا لِـيـا
فَيا صاحِبي رَحلي دَنا المَوتُ فَاِنـزِلا بِرابِـيَـةٍ إِنّــي مُقـيـمٌ لَيـالِـيـا
أقيما عَلَـيَّ اليَـومَ أَو بَعـضَ لَيلَـةٍ وَلا تُعجلانـي قَـد تَبَـيَّـنَ شانِـيـا
وَقوما إِذا مـا اِستُـلَّ روحـي فَهَيِّئـا لِيَ السّـدرَ وَالأَكفـانَ عِنـدَ فَنائِيـا
وَخُطّا بِأَطـرافِ الأَسِنَّـةِ مَضجَعـي وَرُدَّا عَلـى عَينَـيَّ فَضـلَ ردائِيـا
وَلا تَحسدانـي بـارَكَ اللَّـهُ فيكُـمـا مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا
خُذانـي فَجُرّانـي بِثَوبـي إِلَيكُـمـا فَقَد كُنتُ قَبـلَ اليَـومِ صَعبـاً قيادِيـا
وَقَد كُنتُ عَطَّافـاً إِذا الخَيـلُ أَدبَـرَت سَريعاً لَدى الهَيجا إِلى مَـن دَعانِيـا
وَقَد كُنتُ صَبَّاراً عَلى القرنِ في الوَغى ثَقيلاً عَلى الأَعـداءِ عَضبـاً لِسانِيـا
وَقَد كُنتُ مَحموداً لَدى الزادِ وَالقِـرى وَعَن شَتمِيَ اِبنَ العَمِّ وَالجـارَ وانِيـا
فَطَوراً تَرانـي فـي ظـلالٍ وَنِعمَـةٍ وَطَـوراً تَرانـي وَالعِتـاقُ رِكابِـيـا
وَيَوماً تَراني فـي رحـىً مُستَديـرَةٍ تُخَـرِّقُ أَطـرافُ الرِمـاحِ ثِيابِـيـا
وَقوما عَلـى بِئـرِ السَّمينَـةِ أسمعـا بِها الغُرَّ وَالبيضَ الحِسـانَ الروانِيـا
بِأَنَّكُـمـا خَلَّفتُـمـانـي بِـقَـفـرَةٍ تُهيلُ عَلَـيَّ الريـحُ فيهـا السَّوافِيـا
وَلا تَنسَيـا عَهـدي خَليلَـيَّ بَعـدَمـا تَقطـعُ أَوصالـي وَتَبلـى عِظامِـيـا
وَلَـن يَعـدَمَ الوالـونَ بَثّـاً يُصيبُهُـم وَلَن يَعـدَمَ الميـراثَ مِنّـي المَوالِيـا
يَقولـونَ لا تَبعُـد وَهُـم يَدفِنونَـنـي وَأَيـنَ مَكـانُ البُـعـدِ إِلا مَكانِـيـا
غَداةَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسـي عَلـى غَـدٍ إِذا أدلجوا عَنّـي وَأَصبَحـتُ ثاوِيـا
وَأَصبَحَ مالـي مِـن طَريـفٍ وَتالِـدٍ لِغَيري وَكانَ المـالُ بِالأَمـسِ مالِيـا
فَيا لَيتَ شِعري هَل تَغَيَّـرَتِ الرَّحـا رحا المُثلِ أَو أَمسَت بِفَلجٍ كَمـا هِيـا
إِذا الحَـيُّ حَلَّوهـا جَميعـاً وَأنزلـوا بِهـا بَقَـراً حُـمَّ العُيـونِ سَواجِيـا
رَعَيـنَ وَقَـد كـادَ الظَّـلامُ يُجِنُّهـا يَسفـنَ الخُزامـى مَـرَّةً وَالأَقاحِـيـا
وَهَل أَترُك العيسَ العَوالي بِالضُحـى بِرُكبانِهـا تَعلـو المِتـانَ الفَيافِـيـا
إِذا عُصَـبُ الرُكبـانِ بَيـنَ عُنَيـزَةٍ وَبولانَ عاجُـوا المُبقِيـاتِ النَواجِيـا
فَيا لَيتَ شِعري هَـل بَكَـت أُمُّ مالِـكٍ كَما كُنـتُ لَـو عالَـوا نَعِيَّـكِ باكِيـا
إِذا مـتُّ فَاِعتـادي القُبـورَ وَسَلِّمـي عَلى الرَمسِ أُسقيتِ السَحابَ الغَوادِيـا
عَلى جَدَثٍ قَد جَـرَّتِ الريـحُ فَوقَـهُ تُرابـاً كَسَحـقِ المَرنُبانِـيِّ هابِـيـا
رَهينَـةُ أَحجـارٍ وَتُـربٍ تَضَمَّنَـت قَرارَتُهـا مِنّـي العِظـامَ البَوالِـيـا
فَيا صاحِبـا إِمّـا عَرضـتَ فَبلغـن بَنـي مـازِنٍ وَالرَّيـبَ أَن لا تَلاقِيـا
وَعَرِّ قَلوصـي فـي الرِّكـابِ فَإِنَّهـا سَتَفلِـقُ أَكبـاداً وَتبـكـي بَواكِـيـا
وَأَبصَـرتُ نـار المازِنِيَّـاتِ موهِنـاً بِعَلياءَ يُثنى دونَهـا الطَّـرفُ رانِيـا
بِعـودِ النّجـوج أَضــاءَ وَقـودُهـا مَهاً في ظِلالِ السِّدرِ حـوراً جَوازِيـا
غَريـبٌ بَعيـدُ الـدارِ ثـاوٍ بِقَـفـرَةٍ يَدَ الدَّهـرِ مَعروفـاً بِـأَن لا تَدانِيـا
تَحَمَّلَ أَصحابـي عَشـاءً وَغـادَروا أَخا ثِقَةٍ فـي عَرصَـةِ الـدارِ ثاوِيـا
أُقَلِّبُ طَرفي حَولَ رَحلـي فَـلا أَرى بِهِ مِـن عُيـونِ المُؤنِسـاتِ مُراعِيـا
وَبِالرَّملِ مِنّـا نسـوَةٌ لَـو شَهِدنَنـي بَكَيـنَ وَفَدَّيـنَ الطَبيـبَ المُـداوِيـا
وَما كانَ عَهدُ الرَّمـلِ عِنـدي وَأَهلِـهِ ذَميمـاً وَلا وَدَّعـتُ بِالرَّمـلِ قالِيـا
فَمِنهُـنَّ أُمّـي وَاِبنَـتـايَ وَخالـتـي وَباكِيَـةٌ أُخـرى تهـيـجُ البَواكِـيـا
واخيرا رابط القصيدة الصوتية وهي على شكل انشودة رائعة
http://rapidshare.com/files/83864059/malk.ram.html