موضوع: مفهوم الحب في الإسلام؟؟؟! الخميس أغسطس 21, 2008 2:48 pm
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .. من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فقد جاء الإسلام فقنن ، وحدد العقائد ، والأفكار ، والتصورات ، والأخلاق ، وضبطها ، ووجهها إلى الواحد الأحد .
ومن هذا المنطلق سوف أكتب عن الحب ، وكيف وجهه الإسلام ، والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يتركه ؛ لأن كثيراً من الناس ظنوا أنهم يحبون من شاؤوا ، في أي وقت شاؤوا .
وقف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) على المنبر يتحدث في الناس ، وإذا بأعرابي يقاطعه .. فالتفت إليه ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ( ما لك ) ؟
قال : متى الساعة ؟
فسكت عنه ( صلى الله عليه وسلم ) ثم أكمل حديثه .
فلما انتهى قال : ( ماذا أعددت للساعة ) ؟
قال : يا رسول الله ، والله ما أعددت لها كثير صلاة ، ولا صيام ، ولا صدقة ؛ ولكني أحب الله ورسوله .
فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( أنت مع من أحببت )(1) .
قال الحسن البصري معلقاً على الحديث : لا يخدعنكم الحب فحسب ، فو الله الذي لا إله إلا هو .. لقد أحب قوم عيسى بن مريم حتى ألهوه ، فأدخلهم حبه النار .
وروى الغزالي في ( الأحياء ) قول ابن عمر رضي الله عنهما : والله لو أنفقت أموالي في سبيل الله ، وصمت النهار لا افطره ، وقمت الليل لا أنامه .. ثم لقيت الله لا احب أهل الطاعة ولا أبغض أهل المعصية لخشيت أن يكبني الله على وجهي في النار .
من هذا المنطلق : جعل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الحب عقيدة .
وفي الحديث قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله فقد استكمل الإيمان )(2) .
والحب على قسمين : فطري جبلي .. وسببي كسبي .
فأما الفطري الجبلي : فلا لوم على العبد فيه ، فإن الله فطره على ذلك ، كحب الرجل الطعام ، وحبه الماء، وحبه ابنه ، وزوجته ، وأصدقاءه .
وأما الكسبي السببي : فهو الإرادي الذي يحاسب الله عليه العبد ، إذا صرفه لغير مرضاة الله تبارك وتعالى.
سئل شيخ الإسلام : كيف يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأنفال:45) ، كيف يذكرهم الله ذكره وقت الأزمات ، أما هناك وقت إلا وقت مصارعة الأعداء ، ووقت المقاتلة ، والتقاء السيوف .
فقال ابن تيمية : إن المحبوبين يتشرفون بذكر محبوبهم وقت الأزمات .. أما سمعتم لقول عنترة يوم يقول لمحبوبته :
ولـقـد ذكـرتـك والـرمـاح نـواهـل مـنـي وبـيـض الهـنـد تـقـطـر من دمـي
فكان الجاهليون يتمادحون بأنهم يذكرون محبيهم ، وقت القتال والنزال ، فأراد الله أن يحول هذا المعتقد الآثم ، إلى ذكره وقت الأزمات ... ولذلك فإن الذكر : يوم يذكر الله وقت مصارعة عدوه .
· المحبوبات التي ذكرها القرآن :
يقول جل ذكره ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14) فكل محبوبات الناس تدور على هذه ، ولكن ما عند الله خير منها .
ومن أحب هذا الشيء ، الذي ذكره الله ، وأفنى حبه فيه حتى عبده ، فليس له عند الله من خلاق ؛ لأن الحب عبادة ، وإذا اجتمع مع الذل فهو اكتمال العبادة ..
ولذلك يقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش )(1) .
وإنما سماه ( صلى الله عليه وسلم ) عبداً ؛ لأنه صرف حبه لهذه الأمور ، حتى غلبها على حب الله .
ومن الناس من يحب زوجته ، أكثر من حبه لربه ، تبارك وتعالى ، وعلامة ذلك : أن يقدم مطلوبها ، ولو كان في المعصية ، على مطلوب الله سبحانه وتعالى .
من الذي أخرج حنظلة الغسيل من بيته ، وهو في اليوم الأول من عرسه إلى لقاء الله ؟ وأتى إلى أحد ، وكسر غمد سيفه على ركبته ، وقال ( اللهم خذ من دمي اليوم حتى ترضى ..) إلا حب الله .
يقول سبحانه وتعالى : ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20) ، هذا يدخل فيه الحب الكسبي والسببي ، والحب الفطري الجبلي .
أما الفطري الجبلي : فإن الإنسان يحب المال بلا شك ، وهو مفطور على ذلك .
وأما الكسبي فهو الذي يوصله إلى درجة العبودية للدرهم والدينار ، فيسبح بحمده صباح مساء ويجعله مقصده في الحياة ومطلوبه .. فيكون إلهه ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ) (الجاثـية : من الآية23) . ومن جعل شيئاً أعظم من الله في قلبه وأحبه كان إلهه ، وكان مشركاً بالله .
ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك فقال : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ) (البقرة: من الآية165) .
وذكر سبحانه ملاذ الدنيا في سورة التوبة فقال : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) (التوبة: من الآية24) ، فمن قدم شيئاً من هذه على حب الله فلينتظر الموت ، ولينتظر اللعنة ، ولينتظر الغضب .
· ادعاء الحب :
والدعوى سهلة .
يقول بعض الصالحين : لا تعرض بحب الله على اللسن فتدعيه .
وادعاء حب الله : سـهل عند الناس جميعاً ، تارك الصلاة في المسـجد تقول له : لمـاذا لا تصلي في المسجد ؟؟.
قال : الله يعلم أني أحبه !
كذب لعمر الله ! لو كان يحب الله ما تأخر عن الصلاة في المسجد .
يقول الأول :
نــحـن الـذيـن إذا دعـــوا لـصـلاتـهم والـحـرب تـسقي الأرض جـامـاً أحـمـرا
جـعـلـوا الـوجـوه إلى الـحـجـاز فـكـبروا فـي مـسـمـع الروح الأمـيـن فـكــبـرا
يقول ثابت بن عبد الله بن الزبير : يا رب أمتني الميتة الحسنة .
قالوا : وما هي الميتة الحسنة ؟
قال : أن يتوفاني ربي وأنا ساجد .
فطالت به الحياة : وعلم الله أنه صادق ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ) (محمد: من الآية21) ، ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) .
فمات ، وهو ساجد في صلاة المغرب .
وأهل الحب ، هم : أهل الإيمان والطموح .
قال أبو الندوي في كتابه ( مسيرة الحياة ) : عين بلا إيمان : مقلة عمياء ، وأمة بلا إيمان : قطيع من غنم.
ونقول : كتاب بلا إيمان : كلام مصفف ، وقصيدة بلا إيمان : كلام ملفق ، وعقل بلا إيمان : ضياع وهيام وخسار .
إن الحب لا ياـي بالدعوى فقط .
ولابد للإنسان من إله يحبه ، ولذلك يقول ابن تيمية : الإنسان همام حارث .. كما في الحديث الصحيح ، فلابد لقلبه أن يهم ، ولابد له أن يزاول شيئاً ، فلابد له من إله يألهه ، وهو الله تبارك وتعالى .
لـو كـان حـبـك صــادقـاً لأطـعــتـه إن الـمـحـب لـمـن يحـب مـطـيـع
وفي أثر لأهل الكتاب أن الله يقول : كذب من ادعى محبتي ، فإذا ضمه الليل نام عني ولم يقم يناديني ، أو كما قال سبحانه وتعالى .
فالحب ادعاه قوم كثيرون ن وهو في المسلمين كثير حتى من الفسقة الفجار ، فمنهم من يحمل الكأس ، ويعيش للمرأة ، ويسمع الأغنية ، ويعاقر الخلاعة ، فإذا نهيته عن ذلك ، ادعى حب الله !
ومحبة الله عز وجل ، ومحبة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) أعلى المطالب ، وأعظم المقاصد ، وأعظم درجات العبودية .
ففي (صحيح البخاري ) أن عمر ، رضي الله تعالى عنه ، قال : والله يا رسول الله إنك أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي .
فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ) .
فقال عمر : والله يا رسول الله ، إنك أحب إلى من نفسي ، هذا منتهى الحب .
عندها قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( الآن يا عمر )(1) .
وفي ( الصحيحين ) عن أنس قال : يقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )(2) .
فمن وجد هذه الثلاثة وجد حلاوة الإيمان ، ومنتهى الإيمان ، وأصل الإيمان ، فهنيئاً له .
ومن لم يجد ذلك فليبكِ على نفسه .
يقول ابن القيم في ( الفوائد ) في قوله سبحانه وتعالى : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)(المائدة: من الآية54) ليس العجب من قوله : ( وَيُحِبُّونَهُ) فإن المحسن يحب ، فمن أطعمك وكساك وخلقك تحبه جبلة وأصلاً .. ولكن العجب من قوله : (يُحِبُّهُمْ )!.
· نماذج من الحب الخالص لله :
1ـ عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري : أتى يوم أحد ولبس أكفانه ، وقال : اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى ، فقتل شهيداً .
ولذلك يقول ( صلى الله عليه وسلم ) لفاطمة : أخت عبد الله ـ عمه جابر ـ : ( تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه )(3) .
وفي حديث آخر أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( يا جابر ما لي أراك منكسراً ) .
قال : يا رسول الله ، استشهد أبي ، وترك عيالاً وديناً .
قال : ( أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ) .
قال : بلى ، يا رسول الله .
قال : ( ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب ، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً ، فقال : تمن على أعطك !!
قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية .
قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون )(4) .
2ـ في السير عند هشام وغيره ، أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وقف قبل غزوة أحد ، يعلن الحرب على أبي سفيان ، ولبس لأمته ( صلى الله عليه وسلم )، وهو يتحدث في الناس ويشاورهم ، أنقاتل في المدينة ، أم نخرج خارج المدينة إلى أحد .
فقام شاب ، من بني عمر بن سالم ، فقال : يا رسول الله ، لا تمنعني ، ولا تحرمني دخول الجنة ، فو الله الذي لا إله إلا هو لأدخلن الجنة .
فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ـ وهو يتبسم ـ : ( بم تدخل الجنة ؟ ) .
قال : بخصلتين .
قال : ( ما هما ) ؟
قال : بأني أحب الله ورسوله كثيراً ، ولا أفر يوم الزحف .
قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( إن تصدق الله يصدقك ) .
وبدأت المعركة ، ودارت رحاه ، وأتى الصادق ، فصدق الله فقتل .
فمر ( صلى الله عليه وسلم ) عليه ، وأخذ يمسح التراب عن جبينه ، وتدمع عيناه ( صلى الله عليه وسلم ) ويقول : ( صدقت الله فصدقك الله )(1) .
3ـ جعفر بن أبي طالب : ترك ماله وولده ، وترك أحبابه ، وخلانه ، وجيرانه ، وأتى قبل المعركة ، فكسر غمده وهذا عند العرب علامة على أنه لن يعود أبداً ، وقال :
يـا حــبـذا الـجـنـة واقــتـرابـها
طــيـبـة وبــارد شــــرابــها
والــروم روم قــد دنـا عــذابــها
كــافـرة بـعــيـدة أنـســابــها
عـلـى إن لاقـيـتـهـا ضـرابــها (2)
قاتل حتى الظهر ، فقطعت يمينه ، ثم يساره ، ثم قتل شهيداً .
· علامات المحبة :
1ـ بيع النفس للواحد الأحد ، فتغضب لله ن وترضى لله ، وتقدم لله ، وتعطي لله ، وتحب لله ، وتبغض في الله ، وقد ذكرت فيما مضى نماذج لمن باعوا نفوسهم لله .
2ـ ومن علامات حب الله عز وجل : الإقبال على الطاعة ، وترك المنهيات .
فمن سمع الأذان ، فلم يأت إلى المسجد ، بلا عذر ، فما أحب الله ، ومن هجر القرآن ، ولم يقرأ فيه ، وقدم قراءة المجلة الخليعة ، والجريدة التافهة عليه ؛ فما أحب الله ، ومن جلس مع جلساء السوء ، ورافقهم ، وهجر الصالحين والأخيار فما أحب الله ، ومن تخلف عن النوافل ، وعنده بسطة في الجسم وسعة في الوقت ، فما أحب الله .
فمن ادعى حب الله ثم لم يأت بالطاعات ، ويتقدم بالنوافل ، فليس بمحب .
في كتاب ( مدارج السالكين ) يذكر ابن القيم عشرة أسباب للمحبة .ز ذكر منها : تلاوة القرآن بتدبر ، فإذا رأيت الرجل يحب المصحف ، ويتلذذ بالقراءة في المصحف ، فاعرف أنه من أحباب الله .
3ـ كثرة الذكر .
إذا مــرضـنـا تـداويـنـا بـذكـركـم ونتـرك الـذكـر أحـيـانـاً فـنـنـتـكـس
( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: من الآية28) ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) (البقرة: من الآية152) .
وفي الحديث عن عبد الله بن يسر : أن رجلاً أتى إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت على ، فأخبرني بشيء أتشبث به .
قال : ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله )(1) .
فإنسان لا يذكر الله كثيراً ، فهو شبيه بأهل النفاق ، الذين قال الله فيهم : ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء: من الآية142) .
4ـ ومن علامات حب الله عز وجل : تعظيم الشعائر .
يروى أن إبراهيم بن أدهم نزل إلى السوق ، فوجد صحيفة ملقاة على الأرض مكتوب فيها : ( الله ) .
فقال : يا رب ، سبحانك أن يداس أسمك ، والله لأطيبن اسمك فأخذ الصحيفة ، وطيبها ، وعلقها .
فسمع قائلاً يقول في المنام : يا من طيب اسم الله ليطيبن اسمك .
فرفع الله اسمه ، فهو من العباد الكبار .
سألوا سعيد بن المسيب ، وهو مريض ، أن يذكر لهم شيئاً من أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : أجلسوني .
قالوا : أنت مريض .
قال : أيذكر ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأنا مضطجع ؟
وكان الإمام مالك يحدث في مسجد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فلدغته عقرب ، فأخذ يتغير وجهه ، فلما انتهى ، قيل له : ما لك ؟
قال : لدغتني عقرب !
قالوا : ولم لم تقطع الحديث ؟
قال : أأقطع حديث المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) من أجل عقرب ؟
( يا من هواه أعزه وأذلني ) نعم ؛ لأنك ذللت لغير الله ، فأذلك الله سبحانه وتعالى .
وآخر يدعي محبة الله كثيراً ، وفي أعظم المواقف في الحج ينسى الله تبارك وتعالى ، وينسى الوقوف بين يدي الله ، وينظر إلى امرأة أتت إلى الطواف حول البيت ، فأخذ يتغنى في الحرم ، ويقول :
فقال : أحسن كل الإحسان في نظم الأبيات ، وأساء كل الإساءة يوم جعلها لمخلوق !
إخواني في الله ! ! أدعوكم ونفسي إلى حب الله ، تبارك وتعالى ، وإلى حب رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإلى إقامة البينات على هذه الدعوى ، من محافظة على الفرائض ، ومن تزود بالنوافل ، ومن تدبر لكتاب الله ، ومن كثرة لذكر الله .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .